النقاش الحقيقي يبدأ الآن

25 نيسان 2025
ترسيم المساءلة والمسؤولية

عندما أطلقنا بودكاست "برا البوكس"، لم نكن نعلم تمامًا نحن مُقبلون على أي نوع من النقاشات.

بدأنا ومعنا العديد من الأسئلة عن لبنان، وعن الانهيار، وعن المسؤولية الاجتماعية، وعن الغياب والحضور، وعن موقع القطاع الخاص في هذا المشهد المضطرب. لكن ما لم نكن نتوقعه هو تعقيد الإجابات التي سمعناها، والكيفية التي دفعتنا لإعادة التفكير في جوهر ما نقوم به، ولماذا نقوم به، ولمن.

منذ البداية، لم تكن حلقاتنا الأولى عن الحلول. بل كانت محاولة لفهم المشهد بالكامل: الانهيار الاقتصادي، والفراغ، والهوة التي خلّفها نظام عاجز عن تلبية أبسط مقومات العدالة الاجتماعية.

سألنا أنفسنا: كيف يُمكن بناء شيء فعّال وسط هذا الخراب؟

والأهم: ما هو دورنا كقطاع خاص في ظل نظام لا ينهار فحسب، بل ينهار عليك أيضًا؟

ما سمعناه لم يكن نظريًا، بل نابعًا من تجارب حيّة من محامين يدافعون عن العدالة، ومبادرين يملأون فراغات الدولة، ورواد أعمال يعملون في صمت، وناشطين أحرقتهم التجارب لكنهم لا يزالون يؤمنون، ومفكرين يرفضون التطبيع مع الفوضى. لم يجمعهم الأمل بقدر ما جمعتهم القناعة والرفض الصامت للإنكار. ما جمعهم لم يكن التفاؤل، بل القناعة. قناعة هادئة برفض إنكار الواقع، والإصرار على مواجهته.

 

لماذا بدأنا من الصورة الشاملة؟

ولأنك لا تستطيع أن تفهم موقعك في أي منظومة، دون أن تدرك تركيبة هذه المنظومة أولًا، قمنا بطرح أسئلة جوهرية:

  • ما معنى المسؤولية الاجتماعية للشركات؟
  • كيف نُميّز بين مبادرات حقيقية ومسؤولة، وبين حملات تسويقية ملفوفة بخطاب تعاطفي؟
  • وما معنى أن تكون شركة "أخلاقية" في سياق مثل السياق اللبناني؟

تحدثنا عن سلاسل الإمداد والعمالة، ولكن أيضًا عن الخيال، وعن قدرة القطاع الخاص أن يلعب دورًا يتجاوز البقاء والصمود، نحو التأثير في واقعه. ليس عبر "إصلاح الدولة"، بل برفض تجاهلها.

 

مراجعة للمفردات

لاحظنا أن بعض المفاهيم مثل "الدعم" و"المجتمع" و"الأثر"، باتت تُستخدم بشكل مبالغ فيه، مما أفقدها معناها.

فبدأنا بطرح أسئلة جديدة: ما هو الدعم الحقيقي؟ هل هو تبرع؟ أم قرار بعدم تعميق التفاوت الاجتماعي من خلال نماذج تسعير أو شراكات غير عادلة؟ وهل المسؤولية الاجتماعية تُقاس بتقرير سنوي؟ أم برؤية طويلة الأمد تتضمن سياسات توظيف عادلة، وتوجّهات تُراعي أثرنا على من حولنا؟

اكتشفنا أن القيام بما هو صائب ليس دائمًا مريحًا. لكن هذا الانزعاج هو الثمن الحقيقي لكل ما نقوم به.

 

المرحلة المقبلة: من النظام إلى القطاعات

بعد أن فتحنا عدسة النقاش على المشهد الكامل، آن الأوان للغوص في التفاصيل.

في الحلقات القادمة، سننتقل من الأسئلة البنيوية إلى الأسئلة القطاعية. لن نغطي القطاعات، بل سنُسائلها. ما هي الزوايا المعتمة في كل قطاع؟ من يُستثنى من سردية "النمو"؟ وكيف يمكن أن يبدو دور فعلي للقطاع الخاص، لا استعراضي ولا تجميلي؟

من الزراعة إلى الثقافة، من الكهرباء إلى النقل، لسنا هنا لنتغنّى بالنجاح، بل لنسأل الأسئلة الصعبة، ولنعرض، حين نستطيع، إجابات من نوع مختلف.

 

لماذا ما زال هذا النقاش مهمًا؟

لأنّ لبنان بلد التناقضات الحادّة: حيث الناس يبقون أحياء لكنهم لا يعيشون، والعمل موجود لكن الكرامة منهكة، والمواهب وفيرة لكنها محاصرة. ما تعلمناه في هذا الموسم أن الأمل ليس استراتيجية، بل أن الصلة بالواقع هي جوهر الاستراتيجية. وهذه الصلة تبدأ بالسؤال: لمن نبني؟ وما الذي نحن على استعداد للتخلي عنه لنُبني معًا؟

لم يكن "برا البوكس" يومًا مجرد بودكاست، بل تمرين على الاستماع، وعلى كشف أوراقنا، وعلى رفض راحة الصمت.

ما مضى هو المقدّمة، أما النقاش الحقيقي، فها هو يبدأ الآن.

◀️ شاهدوا الحلقة الانتقالية هنا

العودة إلى المقالات
white icon wakilni

Got questions?
We’re here for support!

chat with us

Working Hours
Monday to Friday
from 8am till 5pm
Saturday
from 8am till 1pm

Delivering across Lebanon
within 24 to 72 hours
Range 4$ - 8$

Order a Service

Place your order quickly below or download our app and do it on the go anywhere and anytime.

track order wakilni in popup Track Orders close popup