التكاتف المجتمعي في مواجهة الأزمات

08 شباط 2025
واقع الاقتصاد في ظل القوة المؤثرة للجاليات وللعمل غير المنظم
بقلم باسم جوني
أثبتت الحرب على لبنان أن النهوض من الأزمات لا يتحقق إلا من خلال التكاتف المجتمعي، فقد تجسد ذلك من خلال المبادرات الإنسانية التي ساهمت بشكل كبير في تقديم الدعم للنازحين خلال الحرب في مختلف المجالات. ولم تقتصر المساعدات هنا على الجمعيات الكبيرة فحسب، بل شملت أيضًا ولدرجة كبيرة المبادرات الفردية التي قادها مواطنون انطلاقًا من مسؤوليتهم تجاه المجتمع، مما أسهم في تنظيم عملية الدعم بشكل مرن وفعال.

تُعد جمعية "Food Blessed" من الأسماء التي برزت خلال الحرب حيث حولت جهودها خلال أولى أيام توسّع العدوان لتلبية احتياجات النازحين، مستفيدة من الخبرة التي اكتسبتها خلال الأزمات السابقة، والتي مكنت الفريق من مواجهة التحديات بشكل أفضل. فعلى الرغم من المخاطر التي واجهتها الجمعية بسبب القصف على المناطق اللبنانية، وصعوبة تأمين المتطوعين في ظل ظروف التنقل الصعبة وكثافة النزوح، بالإضافة إلى تحدي تأمين التبرعات المالية، إلا أنها تمكنت من توزيع وجبات على أكثر من 10,000 نازح. تركز جمعية "Food Blessed" التي انطلقت عام 2012 على الحد من هدر الغذاء، لكنّها وسعت نشاطاتها خلال الحرب لتوفير ملابس لـ 3,000 شخص، فضلًا عن الأدوية والألعاب للأطفال والفرش. وركزت الجمعية بشكل خاص على النازحين المتواجدين على الطرقات في "عين المريسة" و"الرملة البيضاء"، وكذلك في الأماكن التي كانت صعبة الوصول إليها من قبل منظمات أخرى.

أما على صعيد المبادرات الفردية، فقد برزت "المبادرة" التي انطلقت بعد توسّع العدوان الإسرائيلي على لبنان، من الشعور بالمسؤولية الاجتماعية تجاه أهلنا النازحين. وقد ساهم مؤسسوها الذين شملوا مؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي من ضمنهم "غنى صنديد" و"سارة فواز"، في نشر صدى هذه المبادرة، حيث استخدموا منصاتهم لتشجيع الناس على التفاعل والمشاركة في تقديم المساعدات. تميزت هذه المبادرة بالشفافية التامة من خلال توثيق عمليات التوزيع، وهذا ساعد في بناء الثقة مع المتبرعين وأسهم في جمع مئات الآلاف من المساعدات التي تم توزيعها.

كانت التحديات التي واجهها فريق "المبادرة" كبيرة، خاصة مع صعوبة الوصول إلى النازحين في المناطق البعيدة والمتفرقة، فضلًا عن عائق تخزين المساعدات. في هذا السياق، ذكر أحد أعضاء الفريق أهمية الدور الذي لعبته شركة "وكّلني" في تسهيل عملية توصيل المساعدات إلى أكبر عدد ممكن من النازحين، بالإضافة إلى أهمية إنشاء موقع الكتروني يهدف إلى جمع المبادرات المختلفة وتيسير الوصول إليها، حيث ساعد في تخطي مشكلة غياب التنسيق بين السلطات المحلية، وهو ما كان يشكل عقبة أمام الكثير من فرق الإغاثة. ومع إعلان وقف إطلاق النار، استطاعت "المبادرة" أن تساعد أكثر من 6,000 عائلة، حيث استمرت في تقديم الدعم لمدة 3 أسابيع إضافية شملت الطعام والوقود والمواد الصحية. كما كان لافتًا رد فعل الأهالي لدى عودتهم إلى مناطقهم، حيث تواصل العديد منهم مع أعضاء فريق "المبادرة" لشكرهم ودعوتهم لزيارة منازلهم، ما رسخ لدى المتطوعين شعور إيجابي جعلهم يدركون أهمية العمل الذي قاموا به في ظل الظروف الصعبة التي مر فيها لبنان.

أظهرت المبادرات التي انطلقت خلال الحرب قوة التلاحم والتعاون بين أفراد المجتمع اللبناني في مواجهة الأزمات. على الرغم من العقبات هذه الجهود التي كانت تواجهها مثل شح الموارد وصعوبة الوصول إلى كافة المناطق اللبنانية، إلا أنها استطاعت توفير الدعم للعائلات النازحة في ظروف صعبة. كما تمكنت المبادرات من تعويض غياب الدعم الرسمي، مما برهن فعالية الحلول المجتمعية في مواجهة الأزمات. كما ساهمت الشفافية في عمل هذه الفرق وتعاون الأفراد والجمعيات في خلق حلول مرنة وسريعة. هذا التعاون أظهر مرة أخرى قدرة اللبنانيين على التكيف مع التحديات الكبيرة والابتكار في تلبية احتياجات الآخرين، مما يعكس أن قوة المجتمع الحقيقية تكمن في وحدة أبنائه واستعدادهم الدائم للتضامن في أوقات الحاجة.
العودة إلى المقالات
white icon wakilni

Got questions?
We’re here for support!

chat with us

Working Hours
Monday to Friday
from 8am till 5pm
Saturday
from 8am till 1pm

Delivering across Lebanon
within 24 to 72 hours
Range 4$ - 8$

Order a Service

Place your order quickly below or download our app and do it on the go anywhere and anytime.

track order wakilni in popup Track Orders close popup